رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة

في معظم الأحيان يصّعُب وصف أجمل الأشياء. هناك شيء ساحر في باليريمو، أو قد أطلق عليها اسم “مدينة الحب والحنان”. لديها سحر يفصلك عن بقية العالم. يدفعك هذا السحر لأن تتصرف وتعبر، وتتعلم، وتستمع بوقتك في ذات الوقت. لقد عرفت في تلك اللحظة التي قالت فيها المضيفة “مرحبا يا أنسة، أهلاً بك في إيطاليا” أن رحلة الألف ميل قد بدأت.

caburera_palermo_Muna res

سأكون ممتنة دائمة للفرصة التي حظيت بها لاكتساب الخبرة من التدريب في باليرمو، وسأعتز بها أكثر من خبرتي في العمل لحد الآن. لقد انخرطت خلال أول شهرين في باليرمو في ثقافة مختلفة جداً عن ثقافة بلدي. ثقافة سمحت لي بالانفتاح وتوسيع رؤيتي المحدودة للعالم. لقد عرضتني للحظات صعبة وللكثير من المغامرات التي دفعتني أن أغدو أكثر ثقة وأكثر تفكيراً، كما وفتحت لي عدد لامتناهي من الفرص لأتطور على المستوى الفردي.

وكفلسطينية تعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، حيث يضطر الفلسطينيين للمساومة للحصول على أبسط حقوقهم الإنسانية والموارد الأساسية للحياة، لقد كنت حريصة على استخدام فرصة التنقل هذه لكي أتمكن من مساعدة مهاجرين آخرين أقل حظاً مني في باليرمو. ولحسن الحظ، لقد تمكنت من العمل في ثلاث منظمات متميزة ومختلفة: منظمة شباب حقوق الإنسان، وسانتا كيارا (حضانة للأطفال المهاجرين) والمركز الأوروبي للدراسات والمبادرات.

caburera_palermo_Muna (2) res

لقد سافرت إلى العديد من البلدان المختلفة في أوروبا. ومع ذلك، لم أجد هذا الدعم للقضية الفلسطينية كما وجدت بين الناس هنا في باليرمو. كنت أشعر بسعادة غامرة لاعتراف الإيطاليين بشكل عام بفلسطين وبأحقينا في الأرض؛ مما أوقعني غرام هذا البلك. في باليرمو، تُقبل كما أنت بغض النظر عن دينك، أو لونك، أو اتجاهك السياسي أو حتى فريق كرة القدم المفضل لديك. هناك، أنت حر للتعبير عن أفكارك، وأرائك السياسية وحتى دينك بالطريقة التي تريد دون تلقي أي أحكام.

كم أشعر بالامتنان لكل لحظة سمحتلي باكتشاف الكثير حول ما يعنيه أن أقدر عالم مختلف عما اعتدت عليه والتفاعل مع ناس منحوني منظور إيجابي عن الحياة. ومع مرور الوقت، ستبقى الذكريات معي دائماً، إلا أن بعض من تلك التفاصيل الجميلة القريبة إلى قلبي قد تتلاشى. ومع ذلك، عندما ألقي نظرة على مئات الصور التي أخذت في باليرمو، وأتأمل باعتزاز تلك الابتسامات الكبيرة واللامعة، والوجوه المشرقة والعيون المنبهرة، والمباني القديمة، والكنائس الرائعة مثل الأر نسينا والبر يوسيا، والبحر الجميل والأهم من كل ذلك عندما أرى صور معظم الأشخاص الرائعين الذين سأذكرهم إلى الأبد.

وعلى الرغم من أن تجربتي في باليريمو قد شارفت على الانتهاء، إلا أنها قد أثرت كثيراً على وجهة نظري وأسلوبي في الحياة، وأنا متأكدة بأنني سأعود إلى مدينة الحب مرة أخرى.

اترك تعليقاً

التخطي إلى شريط الأدوات